مسألة العلمية في العلوم الإنسانية
تقديم:
إن
كل المواضيع التي تدرسها الفلسفة لها
علاقة وطيدة بالإنسان، ولذلك فقد اعتبر الفيلسوف كانط بأن السؤال المركزي في
الفلسفة هو: ما الإنسان ؟
غير
أن ما وقع هو ظهور علوم تسمى بالعلوم الإنسانية ، مثل علم النفس وعلم الاجتماع ،
انفصلت منذ بداية القرن التاسع عشر عن الفلسفة ، وحاولت دراسة الظواهر الإنسانية
بمناهج العلوم التجريبية التي تدرس الظواهر الطبيعية. غير أن اختلاف موضوع العلوم
الطبيعية عن موضوع العلوم الإنسانية طرح إشكالين رئيسيين في مجال العلوم
الإنسانية؛ هما إشكال موضعة الظاهرة الإنسانية من جهة وإشكال المنهج المعتمد في
دراستها من جهة أخرى.
إن
الظاهرة الإنسانية هي ظاهرة معقدة وواعية ومتعددة الأبعاد،كما أنها ظاهرة متغيرة
وتتداخل فيها الذات مع الموضوع. وهذا ما يطرح إشكال موضعتها، والذي يمكن أن نتساءل
بصدده عن إمكانية جعل الظاهرة الإنسانية موضوعا قابلا للدراسة العلمية الدقيقة،
كما يطرح إشكال المنهج المعتمد في دراستها. هكذا نجد بعض العلماء الذين انبهروا
بالنتائج التي حققتها العلوم الطبيعية، مما دفعهم إلى محاولة تطبيق مناهجها على
الظواهر الإنسانية، كما نجد علماء آخرين حاولوا ابتكار مناهج تلائم الظاهرة
الإنسانية، وتختلف عن المناهج المعتمدة في علوم الطبيعة. فالفريق الأول، متمثلا في
النزعة الوضعية أساسا، حاول تطبيق منهج التفسير الموضوعي المستلهم من العلوم
التجريبية، بينما اعترض الفريق الثاني على إمكانية تطبيق منهج التفسير على الظاهرة
الإنسانية واقترح منهجا آخرا يناسب خصوصيتها هو منهج الفهم.
انطلاقا
من كل هذا يمكن الحديث عن إشكالين رئيسيين في هذا الدرس هما:
- إشكال موضعة الظاهرة الإنسانية: والذي يطرح
مدى إمكانية عزل الموضوع عن الذات في مجال الظواهر الإنسانية، ومدى قابلية هذه
الأخيرة لكي تصبح موضوعا للدراسة العلمية الموضوعية الدقيقة.
وإشكال المنهج في العلوم الإنسانية: ويتعلق
بالبحث عن المنهج المناسب الذي يجب اعتماده في دراسة الظاهرة الإنسانية؛ فهل يتمثل
هذا المنهج تفسيرها أم فهمها ؟ هل هو منهج التفسير أم منهج الفهم ؟ وهل يمكن اتخاذ
منهج التفسير السائد في العلوم التجريبية كنموذج للاستلهام والتطبيق في مجال
العلوم الإنسانية أم يجب ابتكار مناهج تلائم طبيعة الظواهر الإنسانية ؟
المحور
الأول: موضعة الظاهرة الإنسانية:
·
طرح الإشكال:
حينما
نتحدث عن موضعة الظاهرة الإنسانية فإن الأمر يتعلق بطموح يتمثل في محاولة جعلها
موضوعا قابلا للدراسة العلمية الموضوعية، وحيث أن الموضوع في العلوم الإنسانية هو
الذات نفسها؛ أي أن الذات الدارسة هي الموضوع المدروس أو على الأقل هناك تداخل
بينهما، فإن مسألة الموضعة الخاصة بالظاهرة الإنسانية تطرح عدة صعوبات وعوائق؛ فهل
يمكن عزل هذه الظاهرة عن الذات والتعامل معها كموضوع قابل للدراسة العلمية
الدقيقة؟ وما هي الإجراءات والشروط الكفيلة بموضعة الظاهرة الإنسانية ؟ ومهل يمكن
الحديث عن عوائق تعترض عملية الموضعة هذه ؟
1-
إمكانية موضعة الظاهرة الإنسانية:
لقد
ارتبط طموح الوصول إلى العلمية في العلوم الإنسانية بسعي الاتجاه الوضعي إلى موضعة الظاهرة
الإنسانية وتطبيق منهاج العلوم التجريبية عليها. وفي هذا السياق يمكن الإشارة إلى
السوسيولوجي الفرنسي إميل دوركايم E.Durkeim الذي دعا إلى
التعامل مع الظواهر الاجتماعية كأشياء، وهذا ما يسمى بتشييء الظاهرة الإنسانية أي
إفراغها من محتوى الوعي، خصوصا وأن عالما أنثروبولوجيا مثل كلود ليفي ستراوس يعتبر
بأن الوعي عدو العلم.
هكذا
فقد حاول دوركايم موضعة الظاهرة الإنسانية وفصلها عن الذات الدارسة، سعيا منه إلى
تفسيرها تفسيرا موضوعيا عن طريق استبعاد العوامل الذاتية والتركيز فقط على العوامل
الموضوعية والواقعية القابلة للملاحظة والقياس والتعميم. ولهذا فالظاهرة
الاجتماعية حسب دوركايم تتميز بخاصية الخارجية؛ أي أنها توجد خارج الذات ويمكن
ملاحظتها مثل أي موضوع آخر، وهذا ما يسمح بتحقيق العلمية والموضوعية المطلوبة في
دراسة الظاهرة الاجتماعية. كما تتميز هذه الأخيرة بصفة القهر والإلزام؛ أي أنها
توجد خارج وعي الأفراد وتمارس عليهم إكراها ولا دخل لهم في إحداثها، وهذا ما يمكن
من موضعتها وتفسيرها انطلاقا من عوامل موضوعية خارجية في استبعاد كلي لأية عوامل
ذاتية وباطنية.
لقد
استبعدت النزعة الوضعية مع دوركايم إذن منهج الاستبطان، وحاولت كنزعة علموية
تجريبية الاقتداء بمناهج العلوم الطبيعية، مما جعلها تدعو إلى موضعة الظاهرة
الاجتماعية مثلما يموضع علماء الطبيعة موضوعاتهم. لكن ألا يمكن القول بأن طموح
الموضعة في العلوم الإنسانية صعب المنال نظرا لاختلاف الظاهرة الإنسانية عن
الظاهرة الطبيعية ؟
2-
عوائق الموضعة في العلوم الإنسانية:
لقد
اعتبر عالم النفس جون بياجي j.Piaget أن العلوم
الإنسانية لا زالت في بدايتها، وان طموح الموضعة لا زال لم يتحقق بعد، وهذا ما
يتوجب على الباحثين والعلماء في مجال العلوم الإنسانية بذل مجهودات مضاعفة قصد
تطوير أدواتهم ومناهجهم قصد تحقيق الدقة والعلمية المنشودة.
غير
أن موضعة الظاهرة الإنسانية تطرح حسب جون بياجي عدة عوائق يمكن تقديمها كما يلي:
-
عدم تشابه الظاهرة الإنسانية مع الظاهرة الطبيعية؛ إذ أنها ظاهرة معقدة ومتعددة
الأبعاد وفريدة من نوعها.
-
يتأثر الباحث في العلوم الإنسانية بالموضوع الذي يدرسه لأنه جزء منه، ويصعب عليه
أن يدرسه بحياد ونزاهة وموضوعية.
-
كما قد يؤثر الباحث في الظاهرة الإنسانية؛ فيغير من طبيعتها ويفهمها فهما خاصا،
مما يجعل النتائج تختلف من باحث لآخر ويجعل إمكانية التعميم متعذرة.
-
يتداخل الموضوع في العلوم الإنسانية مع الذات ويصعب الفصل بينهما، وهذا بخلاف
العلوم الطبيعية التي يمكن فيها فصل الذات عن الموضوع.
-
يتمركز الباحث في العلوم الإنسانية حول ذاته؛ أي أنه يقدم رؤيته للظاهرة الإنسانية
المدروسة انطلاقا مما يحمله في ذاته من مشاعر وأفكار ومعتقدات ترتبط بالتزامه
بمواقف فلسفية أو مذاهب إيديولوجية أو عقائدية. وهذا ما يجعل الباحث يسقط تصوراته الذاتية على الظاهرة ويجعل تحقيق
الموضوعية مسألة غاية في الصعوبة.
-
إن انخراط الذات في الموضوع يجعلها تعتقد في نوع من المعرفة الحدسية بالموضوع، وهذا مخالف للمناهج والتقنيات
العلمية التي من شأنها أن تحقق الموضوعية المتوخاة.
هكذا
بين جون بياجي كيف أن الذات الملاحظة في العلوم الإنسانية تكون جزءا من الظاهرة
التي تدرسها. وهذا ما يطرح مشكل تداخل الذات مع الموضوع ويحول دون إمكانية موضعة
الظاهرة الإنسانية.
وصعوبة
موضعة الظاهرة الإنسانية تطرح إشكالا آخرا يرتبط بمنهج دراستها. ونحن نجد أن أنصار
الموضعة من الوضعيين يسعون إلى محاولة
تفسيرها بإرجاعها إلى عوامل موضوعية، في حين نجد معارضيهم يتهمونهم بإغفال العوامل
الذاتية وهي العوامل التي تتطلب تفهما حقيقيا للظاهرة الإنسانية من أجل النفاذ إلى
أسبابها الباطنية.
المحور
الثاني: نموذجية العلوم الإنسانية: التفسير والفهم:
·
طرح الإشكال:
إذا
كان المحور الأول يتناول موضوع العلوم الإنسانية وإشكال موضعته، فإن هذا المحور
الثاني يتناول مسألة ميتودولوجية تتعلق بمنهج دراسة ذلك الموضوع. فبأي منهج يمكن
للعلوم الإنسانية أن تتناول موضوعها ؟ وإذا كان موضوعها هو الظاهرة الإنسانية، وهي
ظاهرة فريدة ومتميزة عن الظاهرة الطبيعية، فهل يمكن للعلوم الإنسانية أن تدرس
موضوعها باستلهام منهج التفسير السائد في العلوم التجريبية أم أنها مطالبة بابتكار
منهج يلائم خصوصية الظاهرة الإنسانية ؟ وهل المنهج الملائم للظاهرة الإنسانية هو
منهج التفسير أم منهج الفهم ؟ وما هي المرتكزات والخصائص التي تميز كلا المنهجين ؟
1-
منهج التفسير:
إن
التفسير هو المنهج المفضل في العلوم التجريبية، وهو يتجلى في الكشف عن العلاقات
الثابتة التي توجد بين الحوادث والوقائع واستنتاج أن الظواهر المدروسة تنشأ عنها.
وقد حققت العلوم الطبيعية نتائج باهرة باعتمادها على منهج التفسير العلمي الذي
يرتكز على تقنيات منهجية كالملاحظة والقياس والتجريب، كما يسمح بتكميم النتائج
وتعميمها. ولهذا السبب فقد حاولت النزعة الوضعية في مجال العلوم الإنسانية استلهام
منهج التفسير من العلوم التجريبية واعتماده كنموذج للتطبيق في مجال الظواهر
الإنسانية، رغبة منها في تحقيق الدقة والموضوعية والابتعاد ما أمكن عن التفسير
الميتافيزيقي والمنهج التأملي الذي كان معتمدا في الفلسفة.
وفي
هذا الإطار نجد إميل دوركايم، كأحد ممثلي الاتجاه الوضعي في علم الاجتماع، يعتمد
منهج التفسير الموضوعي في دراسته للظواهر الاجتماعية، وذلك بأن دعا إلى تشييئها
والتعامل معها كمجرد أشياء خارجية، والعمل على موضعتها وفصلها عن الذات الدارسة.
هكذا
فقد رفض دوركايم اعتماد منهج الاستبطان والتأمل في دراسة الظواهر الاجتماعية،
واعتمد بالمقابل على منهج التفسير الموضوعي الذي بموجبه يتم ربط الظواهر
الاجتماعية بأسباب وعوامل موضوعية هي السبب في حدوثها، وهي عوامل واقعية قابلة
للملاحظة والقياس والتعميم.
ويمكن
تقديم ظاهرة الانتحار كمثال لظاهرة سوسيولوجية طبق عليها دوركايم منهج التفسير
الموضوعي؛ حيث قام دوركايم بدراسة هذه الظاهرة في مجموعة من الدول الأوروبية ،
وانتهى إلى أنها تتحدد بعوامل موضوعية تتمثل أساسا في التماسك الديني والتماسك
السياسي والتماسك الأسري ، إذ أن ارتفاع عدد المنتحرين أو انخفاضهم يتحدد بحسب قوة
أو ضعف هذا التماسك.
هكذا
استبعد دوركايم العوامل الذاتية والباطنية في تفسير الظاهرة الاجتماعية، وذلك
لصالح العوامل الموضوعية والظاهرة القابلة للملاحظة والقياس.
ويمكن
الإشارة هنا أيضا إلى المدرسة السلوكية في علم النفس، إذ أنها هي الأخرى استبعدت
منهج الاستبطان الذاتي وتبنت تفسيرا موضوعيا للسلوك الإنساني، يتمثل في رصد
العلاقات الموجودة بين المثيرات والاستجابات والكشف عن القوانين التي تحكمها، وهي
قوانين يتم التوصل إليها باعتماد تقنيات القياس والملاحظة وتكرار التجارب في
محاولة للوصول إلى الموضوعية و الدقة العلمية في دراسة السلوك البشري.
لكن
السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو:
ألا
يؤدي تشييئ الظواهر الإنسانية، سواء كانت اجتماعية أو نفسية أو غير ذلك، إلى
إفقارها وإفراغها من محتواها الحقيقي ؟ أو ليس لهذه الظواهر أسباب باطنية وذاتية
مثلما أن لها أسباب خارجية وموضوعية ؟ ألسنا في حاجة إلى تفهم الظواهر الإنسانية
بذل الاكتفاء بتفسيرها ؟
2-
منهج الفهم:
نظرا
لخصوصية الظاهرة الإنسانية وتعقدها فقد واجه منهج التفسير عدة عوائق في محاولته
لدراستها والإحاطة بها. ومن أهم هذه العوائق هو وجود أسباب باطنية وذاتية ترجع إلى
محتوى الوعي، تكون هي المحدد الأساسي لبعض الظواهر الإنسانية إضافة إلى العوامل
الموضوعية. وإذا كان منهج التفسير يسمح برصد المحددات الموضوعية، فإن المحددات
والعوامل الذاتية تحتاج إلى منهج آخر مغاير هو الذي يسمى بمنهج الفهم أو المنهج
التفهمي. وهذا ما يتجلى في عبارة ديلتايDilthey الشهيرة: «
إننا نفسر الطبيعة، لكننا نفهم ظواهر الروح ». فإذا كان الموضوع في العلوم
الطبيعية ماديا ومعزولا عن الذات، فإن الموضوع في العلوم الإنسانية مرتبط بالذات
وجزء لا يتجزأ منها. ولهذا يبدو أنه لا يمكن تفسير الظواهر النفسية وإجراء التجربة
عليها، بل لا بد من تفهمها عن طريق منهج الفهم الذي يعتمد الحدس والاستبطان
والتأويل …
والفهم
حسب السوسيولوجي الفرنسي جول مونروJules Monnrot « هو إدراك
لدلالة معيشية تعطانا كتجربة بديهية ». ومن هنا فهدف المنهج التفهمي هو إدراك
دلالات الأفعال عن طريق ربطها بالمقاصد والنوايا الذاتية لأصحابها والفاعلين لها،
ولذلك فهو منهج يعتمد حسب مونرو على البداهة والحدس؛ فنحن نفهم بعض الحوادث
بالبداهة كأن ندرك أن الشخص يكون غاضبا حينما يتم الاعتداء عليه، أو أن نتبين رفضه
من خلال قسماته الجسدية. فما يكون بديهيا يكون واضحا ويحتم إدراكه بشكل مباشر، دون
الحاجة إلى تفسيره بالاعتماد على طرائق وإجراءات موضوعية.
إن
فعل الفهم حسب مونرو هو فعل معفي مباشر، إنه رؤية نافذة تدرك الظاهرة الإنسانية
كظاهرة وجودية ووجدانية يتعين تفهمها والكشف عن المعاني والدلالات التي نستخلصها
منها على نحو مباشر، دون الاعتماد على أية استدلالات أو تجارب استقرائية من شأنها
أن تضعف الظاهرة وتعمل على تقويضها.
وفي
نفس السياق، تبنى ماكس فيبر Max Weber منهجا تفهميا
في دراساته السوسيولوجية، حيث بين أن الترابطات والانتظامات المميزة للسلوك البشري
تقبل فقط أن تكون موضوع تأويل تفهمي. فالسلوك الإنساني يتميز حسب السوسيولوجيا
التفهمية عند ماكس فيبر بمقاصد ودلالات ذاتية يتعين إدراكها لدى الفاعل المعني من
جهة، كما يتميز بخاصية البينذاتية نظرا لارتباطه بسلوك الغير من جهة أخرى. ولهذا
لا يمكن معرفته كسلوك إلا بطريقة تفهمية تكشف عن الدلالات والمعاني المقصودة ذاتيا
من طرف الفاعل.
إن
منهج الفهم يعتمد على التأويل ، ولذلك فهو يفرض نفسه كثيرا في مجال علم النفس
التحليلي إذ تتطلب الظواهر النفسية التي يدرسها ، كالهستيريا والقلق والأحلام
مثلا، تأويلا للعلامات والرموز التي تميزها من أجل الكشف عن دلالاتها ومعانيها الباطنية
والحقيقية. كما يتطلب الأمر أحيانا ضربا من التعاطف الذي ينبغي أن يقيمه المحلل
النفسي مع مريضه لكي يتفهم مشاكله النفسية وينفذ إلى أعماقها.
هكذا يمكن القول مع غاستون غرانجي Gaston Grangerأن فعل العقل في الظواهر الإنسانية يتراوح بين منهجين
أساسيين هما: التفسير الذي يستهدف الكشف عن العلاقات الثابتة التي تربط بين
الوقائع الإنسانية، والفهم الذي يرمي إلى حدس الإحساس وتأويل الفعل الإنساني للكشف
عن معانيه ودلالاته. ولهذا يبدو أنهما منهجان متكاملان لا يمكن الاقتصار على
أحدهما دون الآخر في دراسة الظواهر الإنسانية. والرهان الصعب يتمثل في كيفية
المزاوجة بينهما على نحو فعال يمكن من فهم حقيقي للظاهرة الإنسانية في أبعادها
المختلفة
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire