المتن الحكائي:
تصور رواية” اللص
والكلاب” سعيد مهران بعد خروجه من السجن الذي قضى فيه سنوات عدة، أربع منها كانت
غدرا، كان وراءها المعلم عليش سدرة وزوجته نبوية اللذين تآمرا عليه ودبرا له مكيدة
للتخلص من وجوده العابث وتهديداته الطائشة، فأصبحت بنته سناء في كنف أمها ورعاية
عليش منذ عامها الأول. بينما غيّب سعيد مهران بين قضبان السجون يندب حظه التعيس
وأيامه النكداء بسبب مبادئه الثورية الزائفة التي لقنها إياها معلمه رؤوف علوان:
” مرة أخرى يتنفس نسمة الحرية، ولكن الجو غبار خانق وحر
لايطاق. وفي انتظاره وجد بدلته الزرقاء وحذاءه المطاط، وسواهما لم يجد في انتظاره
أحدا. ها هي الدنيا تعود، وها هو باب السجن الأصم يبتعد منطويا على الأسرار
اليائسة. هذه الطرقات المثقلة بالشمس، وهذه السيارات المجنونة، والعابرون
والجالسون، والبيوت والدكاكين، ولاشفة تفتر عن ابتسامة… وهو واحد، خسر الكثير، حتى
الأعوام الغالية خسر منها أربعة غدرا، وسيقف عما قريب أمام الجميع متحديا. آن
للغضب أن ينفجر وأن يحرق، وللخونة أن ييأسوا حتى الموت، وللخيانة أن تكفر عن
سحنتها الشائعة. نبوية وعليش، كيف انقلب الاسمان اسما واجدا؟ أنتما تعملان لهذا
اليوم ألف حساب”
يشكل هذه المقطع
الاستهلال الروائي ألحدثي بؤرة الرواية وتفصلها الأساسي ؛ لأنه يلخص كل الأحداث
التي وقعت والتي ستقع داخل الرواية، كما توجز حبكة الرواية وعقدتها الجوهرية التي
تتمثل في الانتقام من الخونة والثأر من الذين غدروا به وهم: المعلم عليش وزوجته
نبوية ورؤوف علوان.
وبعد ذلك، يلتجئ
الروائي إلى تمطيط هذا الاستهلال وتوسيعه وتبئيره سردا وتحبيكا وتشويقا عبر مسار
المتن الحكائي، لتكون النهاية سلبية تنتهي باستسلام سعيد مهران وموته وفشله في
إنجاز مهمته وأداء البرامج السردية التي أنيط بترجمتها وتنفيذها. ومن ثم، تصبح
شخصية سعيد مهران شخصية إشكالية غير منجزة بسبب فشلها الذريع في الانتقام من
أعدائه الخونة؛ بسبب السقوط في شرك الأخطاء والظنون والتوهمات العابثة التي جعلت
الحياة في منظورها بدون جدوى ولا معنى .
وإذا كان
الاستهلال الروائي ينبني على حبكة حدثية مسبقة، فإن المتن أو المركز الوسطي هو
تنفيذ للانتقام والثأر. بيد أن هذا الفعل كان مجانيا وعشوائيا لايصيب إلا الأبرياء
من البوابين وضحايا المستغلين البشعين. أما نهاية الرواية، فقد ركزت على فعل
المطاردة وسحق المجرم تحت ضربات وطلقات الرصاص التي حولت مكان اختباء سعيد مهران
إلى مقبرة مصيرية له.
وبهذا، تتخذ
الرواية طابعا سينمائيا حركيا ، لأن المتن الروائي كتب بطريقة السيناريو القابل
للتشخيص السينمائي والإخراج الفيلمي الدرامي. وفعلا، فقد تم إخراج هذا الفيلم سينمائيا
منذ سنوات مضت في مصر؛ نظرا لتوفر الرواية على لقطات بصرية وحركية تستطيع جذب
المتفرج.
وعلى أي، فبعد
خروج سعيد مهران من زنزانته العدائية المغلقة، لم يجد أحدا من عائلته وأقربائه
وأصدقائه في انتظاره خارج السجن، وهذا يشير إلى كونه مكروها من الجميع ومنبوذا بسبب
سلوكياته المنفرة. بيد أن ما كان يسرقه من منازل الأغنياء وڤيلاتهم كان يعتبر فعلا
بطوليا عند رؤف علوان، إنه نتاج التفاوت الاجتماعي والصراع الطبقي بين الأغنياء
والفقراء. ولم يلتجئ سعيد مهران إلى هذه السرقة الطبقية إلا بعد موت أسرته الفقيرة
، أبيه البواب الذي مات مريدا سالكا مؤمنا حامدا لله، والأم التي عبث بها الفقر
والنكد حتى ماتت طريحة الفراش في البيت المنهوك من شدة الفاقة و فوق سرير المستشفى
الذي بقيت فيه بدون عناية ورعاية صحية إنسانية.
ولم يبق أمام سعيد
مهران في هذه الظروف الصعبة إلا بالجمع بين دراسته والاشتغال بوابا، ليستكمل حياته
بسرقة طلاب العلم وممتلكات الأغنياء. وكان أستاذه رؤوف علوان يشجعه على ذلك؛ لأن
مصر الثورة كانت تتصارع جدليا مع الأسياد الأغنياء الذين حولوا الشعب المصري إلى
عبيد ومستضعفين. وقد أشاد رؤوف علوان بهذه السرقات التي كان يعتبرها فعلا بطوليا و
إنجازا ثوريا للقضاء على الطبقة الإقطاعية الغنية.
وهكذا، قرر سعيد
مهران بعد خروجه من فضائه العدواني المنغلق أن ينتقم أولا من المعلم عليش وزوجته
نبوية، واتجه حيال منزلهما بميدان القلعة الذي وجده محفوفا بالمخبرين الذين
يحرسونه من كل سوء، وينتظرون اليوم الذي ستفتح أبواب السجن لسعيد ليأخذ ثأره على
غرار أهل الصعيد في جنوب مصر.
ولما فشلت مفاوضات
سعيد مع عليش حول استرجاع البنت والزوجة اللتين أنكرتا وجود سعيد واستنكرتا
تصرفاته الدنيئة وسرقاته الموصوفة وتهديداته الماكرة، قرر سعيد مهران الاستعداد
للمهمة والتأهب للانتقام من المعلم عليش، بعد أن نصحه المعلم بياضة والمخبر
بالابتعاد عن هذه السكة التي لاتحمد عواقبها .
وغير سعيد وجهته،
فقصد رؤوف علوان الذي أصبح صاحب جريدة ثورية مشهورة في البلد تسمى بـــ” الزهرة”
تدافع عن سياسة الحكومة الجديدة، وصار بفضلها من أغنياء البلد ورجالها المعروفين
في المجتمع والمقربين من رجال السلطة المحترمين.
وعندما استضاف
رؤوف علوان سعيد مهران في منزله الفاخر في شكل ڤيلا واسعة الأرجاء ، كثيرة الأثاث
والتحف الغنية، نادمه وأعطاه بعض النقود ليستكمل حياته من جديد بشرف وكرامة. وطلب
سعيد من رؤوف أن يشغله محررا في جريدته، لكن رؤوف رفض ذلك، وأمره بأن يبحث عن شغل
آخر يتناسب مع وضعه الاجتماعي.
" هذا هو رؤوف علوان، الحقيقة العارية، جثة عفنة لا يواريها تراب.. تخلقني ثم ترتد"
وعندما خرج إلى
المدينة تائها في طرقاتها وشوارعها، فكر في خطة الانتقام والتخلص أولا من رؤوف
علوان الذي خان مبادئ الثورة وقيم الاشتراكية والعدالة الاجتماعية، وصار خادعا
للشعب وماكرا كبيرا يزيف الحقائق التي من أجلها دخل سعيد السجن ومكث فيه سنوات
عدة، أربع منها كانت بسبب الغدر والكيد الخادع.
وعندما فشلت
محاولة سعيد مهران في سرقة ممتلكات مسكن رؤوف علوان الذي كان ينتظره بمسدسه
العاتي؛ لأنه كان يعلم أن سعيد سيأتي للانتقام منه وسرقة مايملكه من أموال وأشياء
ثمينة، فاسترد منه رؤوف جنيهاته ، وحذره أن يعيد الكرة وإلا سيزج به في السجن مرة
أخرى.
وبعد أن عفا عنه
رؤوف علوان،اتجه سعيد صوب رباط الشيخ علي الجنيدي للاستراحة الروحية والنفسية .
وكان علي الجنيدي نقيب السالكين العارفين صديقا وفيا لأبيه الصالح، الذي قضى بدوره
حياته في الجذب الصوفي والسفر النوراني والتعراج الروحاني مقتربا من الحضرة
الربانية والسعادة القدسية اللدنية.
وبوصول سعيد إلى
فضاء الجنيدي المفتوح، أحس براحة داخلية تغمره داخل هذا الفضاء العرفاني الصادق،
على الرغم مما كان يحس به من ظمإ وجوع ينخران جسمه المتهالك، وماكان يعانيه من شدة
الحقد والحنق على عليش ونبوية ورؤوف.
وكانت لسعيد مهران
صداقة حميمية مع المعلم طرزان صاحب مقهى كان يتعود عليه قبل الزج به في السجن،
وعرفه سعيد بآخر الأخبار، وطلب منه أن يساعده بمسدس لينتقم من الأوغاد والخونة
والكلاب المسعورة التي تنهش اللحوم البشرية النيئة.
ويعد ذلك، سيعرف
سعيد عشيقته نور حسناء الحانات والملاهي والأماكن الخالية ، والتي كانت في الماضي
معجبة بفتوة سعيد وشجاعته الرجولية، لكن سعيد كان مغرما بخائنته نبوية.
ويقضي سعيد مهران
أياما مع نور في شقتها المهترئة من شدة الفقر بين الانتظار اليائس واقتناص لذات
الجسد العاطش. ومن هذه الشقة المتواضعة، كان ينطلق سعيد ليصوب رصاصاته الطائشة على
علوان وزوجته نبوية ورؤوف علوان، بيد أن هذه الرصاصات كانت تخطئهم جميعا لتصيب
الأبرياء والبوابين وضحايا الغبن والاستغلال. وهذا ماجعلت الصحف تكتب عن هذه
الجرائم العابثة في حق الأبرياء والضعفاء والفقراء ، والتي لحسن الحظ كان ينجو
منها الماكرون والخونة.
وفي الأخير، لم
تجد كل محاولات الثأر والانتقام، فغدا سعيد مهران إلى فضاء الشيخ الجنيدي ليستلقي
بجسده المتعب من شدة الضنى والتعب العابثين. ومن هناك، سيهرب سعيد إلى المقبرة بعد
أن أحس بمطاردة المخبرين والكلاب له في كل مكان وناحية، فلم يجد حلا سوى الاستسلام
للأوغاد والكلاب الذين أردوه طريحا بين أحضان المقبرة الصامتة لتضع نهاية لحياته
العابثة:
” وفي جنون صرخ:
ياكلاب!
وواصل إطلاق النار
في جميع الجهات.
وإذا بالضوء
الصارخ ينطفئ بغتة فيسود الظلام
هكذا، تنتهي
الرواية بنهاية تنم عن العبث والاستهتار واللامبالاة والاستسلام بدون إرادة واعية
؛ لأن الحياة لاتستحق أن تعاش بين هؤلاء الكلاب اللعينة الغادرة
1. البعد النفسي:
ببدو سعيد مهران شخصية غير متوازنة وغير متزنة بسبب كثرة أخطائها في إصابة
أهدافها، كما أنها شخصية إشكالية تتأرجح بين الذات والموضوع، وتعاني من الصراع
الداخلي ومن التمزق النفسي الناتجين عن خيانة زوجته نبوية وصديقه عليش سدرة
وأستاذه رؤوف علوان الذي كان يعلمه النضال والثورة على الفقر عن طريق سرقة
الأغنياء بطريقة فردية أو بطريقة جماعية منظمة، وكان منبهرا بصوته الثوري القوي
وبمبادئه الاشتراكية الرائعة التي تسوي بين الفقراء والأغنياء في تقسيم ثروة الوطن
وتوزيعها بعدالة على الشعب وأبناء المجتمع، بيد أن هذه الشعارات كانت جوفاء فارغة
من كل معنى.
وعليه، فسعيد مهران بخروجه من السجن صار شخصية أخرى تريد الانتقام والثار ، أي
أصبحت شخصية عدوانية حاقدة جاءت لتشعل النار في أجساد الخائنين والماكرين الخادعين
الذين زجوا به في السجن كيدا وخديعة. ومن ثم، يتسلح سعيد مهران بالمسدس ليصفي
حساباته مع كل الأوغاد الذين فرطوا في قيم التلمذة والصداقة و المحبة. لذا، يتحول
سعيد إلى شخصية عدوانية عابثة ترى الوجود كله يأسا وسأما وعبثا بلا معنى ولا جدوى.
ويلاحظ أن التناتوس ( الموت أو الغرائز العدوانية ) هو الذي كان يحرك سعيد
مهران شعوريا ولاشعوريا ، وهو الذي كان يدفعه لتصفية الحسابات مع الخونة والقضاء
على حياتهم، ولكن شخصية مهران لم تكن تخطط جيدا لأهدافها. ومن ثم، كان قتله
للأبرياء والبوابين دليل على مدى عبثية حياته ولا جدوى وجوده.
2/ البعد
الاجتماعي: ان رواية اللص والكلاب حبلى بالابعاد النقدية ذات الطابع الاجتماعي و تتجلى في نقد الواقع وتشخيص عيوبه ومساوئه الكثيرة ولاسيما تفاوته
الاجتماعي والطبقي الذي ينم عن انعدام العدالة الاجتماعية في المجتمع المصري إبان
الثورة الاشتراكية. وهناك الوظيفة الإيديولوجية التي تكمن في نقد التيار الاشتراكي
والتجربة الناصرية التي ترتبت عنها خيانة المبادئ الاشتراكية الكبرى والتعريض
بالذين خانوا الثورة باسم العدالة الاجتماعية والثورة على الملاكين الكبار ومحاربة
الطبقية.
ولقد حاول نجيب محفوظ رصد كل هذه الحمولة
المرجعية الاجتماعية في اقحام جمل من الشخصيات المتناقدة في تصوراتها ومبادئها فما رؤوف علوان إلا نموذج للانتهازية إبان الخمسينيات وفترة الستينيات. لانه نوع واع في
خيانته يختلف في خيانته عن خيانة عليش ونبوية ، لقد كان المثل الاعلى لسعيد مهران
، وهو الدي فلسف له اللصوصية بانها ليست جريمة بل عدل اجتماعي، لقد خان سعيد مهران
فكريا وخان المبادىء الثورة على الاغنياء الى التخلي عن الفقراء ، باع ما آمن به
مقابل قصر جميل سكن به
بينما تشكل خيانة نبوية وعليش صورة جديد من اشكال الخيانة التي طبعت
المجتمع المصري بل والمجتمع الانساني ككل خيانة من الاقارب والاصحاب والاحباب
نبوية وعليش هما السبب
الأول في إطلاق وحش الانتقام داخل سعيد مهران، ولكن على الرغم من ذلك لم يكلف نجيب
محفوظ نفسه عناء أن يقربنا من شخصياتهم أو يعرفنا بدواخل نفسياتهم، وكأن لسان حاله
يقول: أيها القارئ هذين الخائنين أحقر من
أن تعرفهم"، وفي المقابل حرص كاتبنا على أن نتعرف عن كثب على جانب اخر من
المجتمع الذي يبدو ظاهره عفنا لكن جوهره
طاهر.......................................................
الشخصيات في رواية
سعيد مهران في
رواية “اللص والكلاب ” شخصية متأزمة تعيش مأزقا مصيريا، يعاني من الفشل عندما يحتك بواقعه المنحط الذي
تسوده القيم الكمية الزائفة والوساطة المادية التبادلية. ولم يستطع تغيير واقعه
على الرغم من محاولاته الخاطئة التي كانت تصيب الأبرياء فقط دون أعدائه. إن سعيد
مهران لم يستطع أن ينجز الأفكار والمبادئ التي كان يؤمن بها والتي تعلمها من رؤوف
علوان؛ لأن الواقع كان مهترئا تسوده السلبية المتدهورة ، كما أن هذا الواقع الذي
يحاول أن يفجر فيه سعيد مهران أفعاله هو واقع غير مكتمل وغير منجز، تعبث به أيدي
الإجرام والخيانة والغدر.
يصور نجيب محفوظ
شخصيته الأساسية في الرواية باعتبارها شخصية مأساوية على عتبة القرار الأخير في
لحظة الأزمة وفي لحظة انعطاف فعلها نحو اللاجدوى واللافعل أو نحو فعل غير منجز
وغير محسوب.
إن سعيد مهران كما
يتضح من خلال الصور الروائية الجزئية والبناء الكلي لدلالة العمل رمز للوطنية
الصادقة والروح الشعبية الحقيقية والنضال الاجتماعي المستميت من أجل المبادئ
والقيم الأصيلة. وقد كان بمثابة نبراس يستضيء به الكثيرون من أبناء الشعب الكادح
والمقهور في حياتهم التي يسودها النفاق الاجتماعي والابتزاز اللامشروع باسم
النضال. إن شخصية سعيد مهران لهي شخصية متمردة عن قيم المجتمع ومبادئه الزائفة
التي طالما دنست كرامة الإنسان وأنفته.
هذا، وتصور رواية
اللص والكلاب شخصية سعيد مهران بأنه لص خرج من السجن صيفا بعد أن قضى به أربعة
أعوام غدرا لينتقم من الذين اغتنوا على حساب الآخرين، وزيفوا المبادئ، وداسوا على
القيم الأصيلة مثل: رؤوف علوان وعليش سدره ونبوية لكي يجعل من الحياة معنى بدلا من
العبثية ولا جدواها. وهكذا قرر أن ينتقم من هؤلاء الكلاب إلا أن محاولاته كانت
كلها عابثة تصيب الأبرياء وينجو منها الأعداء مما زاد الطين بلة. فصارت الحياة
عبثا بلا معنى ولاهدف ، ولقي مصيره النهائي في نهاية الرواية بنوع من اللامبالاة
وعدم الاكتراث:” ولم يعرف لنفسه وضعا ولا موضعا، ولا غاية وجاهد بكل قسوة ليسيطر
على شيء ما ليبذل مقاومة أخيرة، ليظفر عبثا بذكرى مستعصية، وأخيرا لم يجد بدا من
الاستسلام،فاستسلم بلا مبالاة…بلامبالاة”.
سعيد مهران يرمز الى عدة شخصيات
مثل :
يرمز الى ابن الحارة الضال الذي يعيش الفراغ والوحدة ويتطلع الى
الخلاص، الى رؤية بشرية عامة فظنها في
الخروج فرديا على شريعة المجتمع بالهدم والفوضوي والغير منظم
يرمز الى الظالم والمظلوم الذي يريد تحقيق العدل لكن يخيب امله ويقع تحت
طائل عدل القانون والمجتمع .
يرمز الى ضياع الانسان المعاصر الي يبحث عن قيم جديدة ، فكان مصيره الضياع
من ضياع ديني واجتماعي وفكري ونفساني فالقدر يدفعه الى مصيره مهما حاول الهروب
والمقاومة .
هو البطل وهو يرمز الى صراع الانسان الذي بين ارادتين :
ارادة الفرد الذي فقد اتجاهه وضيق عليه ، وبين الكلاب التي تنبح عليه .
وبما ان اسمه سعيد فان الكاتب يقصد من هذا الاسم السخرية لان سعيد عاش تعيسا
وحزينا .
نبوية وعليش:-
أنسيت يا عليش كيف كنت
تتمسح في ساقي كالكلب؟، ألم أعلمك الوقوف على قدمين؟، ومن الذي جعل من جامع
الأعقاب رجلا؟، ولم تنس وحدك يا عليش ولكنها نسيت أيضاً، تلك المرأة النابتة في
طينة نتنة اسمها الخيانة."
نبوية وعليش هما السبب الأول في إطلاق وحش الانتقام داخل سعيد مهران، ولكن على الرغم من ذلك لم يكلف نجيب محفوظ نفسه عناء أن يقربنا من شخصياتهم أو يعرفنا بدواخل نفسياتهم، وكأن لسان حاله يقول: "أيها القارئ هذين الخائنين أحقر من أن تعرفهم"، وفي المقابل حرص كاتبنا على أن نتعرف عن كثب على نور من الجانب اخر من المجتمع الذي يبدو ظاهره عفنا لكن جوهره طاهر
نور، تلك الوردة الذابلة من كثرة ما تشممها كل عابر، عاهرة محترفة تهيم عشقا بسعيد، وكل ما تتمناه هو أن يصبح لها، حتى لو لم يحبها، وهي التي لجأ إليها الطريد لتعطيه الأمان ويعطيها الحب دون أن يشعر نحوها إلا بالرثاء، وعلى الرغم من أن نور كانت تبيع نفسها لتطعمه، إلا أنه لم ير في ذلك إلا كل إخلاص..
وعند المعلم طرزان، الشقي القديم ومعلم القهوة التي تعقد فيها صفقات الدعارة وجلسات المجون، وجد سعيد إخلاصا لم يجده عند أقرب أصدقائه، فهو من أمده بالسلاح، وكان دوما ملجأه عند الحاجة.
لم يكن سعيد يفتقر إذن إلى أصدقاء شرفاء، شرفاء بمعاييره لا بمعايير من سجنوه ومن استفادوا من سجنه..
نبوية وعليش هما السبب الأول في إطلاق وحش الانتقام داخل سعيد مهران، ولكن على الرغم من ذلك لم يكلف نجيب محفوظ نفسه عناء أن يقربنا من شخصياتهم أو يعرفنا بدواخل نفسياتهم، وكأن لسان حاله يقول: "أيها القارئ هذين الخائنين أحقر من أن تعرفهم"، وفي المقابل حرص كاتبنا على أن نتعرف عن كثب على نور من الجانب اخر من المجتمع الذي يبدو ظاهره عفنا لكن جوهره طاهر
نور، تلك الوردة الذابلة من كثرة ما تشممها كل عابر، عاهرة محترفة تهيم عشقا بسعيد، وكل ما تتمناه هو أن يصبح لها، حتى لو لم يحبها، وهي التي لجأ إليها الطريد لتعطيه الأمان ويعطيها الحب دون أن يشعر نحوها إلا بالرثاء، وعلى الرغم من أن نور كانت تبيع نفسها لتطعمه، إلا أنه لم ير في ذلك إلا كل إخلاص..
وعند المعلم طرزان، الشقي القديم ومعلم القهوة التي تعقد فيها صفقات الدعارة وجلسات المجون، وجد سعيد إخلاصا لم يجده عند أقرب أصدقائه، فهو من أمده بالسلاح، وكان دوما ملجأه عند الحاجة.
لم يكن سعيد يفتقر إذن إلى أصدقاء شرفاء، شرفاء بمعاييره لا بمعايير من سجنوه ومن استفادوا من سجنه..
رؤوف علوان :-
ان اسم رؤوف علوان يتكون من قسمين الاول الذي هو ايضا في بداية القصة
الاسم الذي يرمز الى الرافة لانه يراف لحال سعيد مهران ويقدم له المساعدة ويعلمه
المبادىء والقيم ومساعدته في ايجاد عمل بعد وفاة والده لكن هذه الرافة كاذبة وغير
نابعة من قلب رؤوف لانه خائن لكن القسم الاخر من الاسم اي نهاية القصة فهو معنى
عكسي للسخرية ، وهو علوان اي انه يرمز الى الاستعلاء بتصرفه مع سعيد مهران بعد ان
خرج من السجن لانه استهزا بسعيد بعد وصوله الى حياة الرفاهية وحياة القصور كما
ويرمز رؤوف علوان الى الانسان المثقف المزيف والثوري الناقص الذي يشتري بسهولة
لانه خان المبادىء الفكرية التي كان يتحلى بها .
لقد اعتبر سعيد مهران رؤوف علوان
الخائن الاول لانه نوع واع في خيانته يختلف في خيانته عن خيانة عليش ونبوية ، كان
الامثل الاعلى لسعيد مهران ، وهو الدي فلسف له اللصوصية بانها ليست جريمة بل عدل
اجتماعي، لقد خان سعيد مهران فكريا وخان المبادىء من الثورة على الاغنياء الى
التخلي عن الفقراء ، باع ما آمن به مقابل قصر جميل سكن به
ومن ناحية أخرى،
شكل رؤوف علوان المرجعية الواقعية في الخطاب الروائي إذ انتقد من خلاله نجيب محفوظ
التجربة الاشتراكية الناصرية والضباط الأحرار والتابعين لنهجهم الذين كانوا يطلقون
شعارات وطنية ثورية إبان مرحلة الملكية ؛ إذ كانوا ينددون بالفساد السياسي
والاقتصادي والأخلاقي والمجتمعي، ويدعون إلى تحقيق العدالة الاجتماعية. ولكن لما
تولى الضباط الأحرار الحكم وتسلم محمد نجيب وجمال عبد الناصر الحكم، كثر الفساد في
هذه المرحلة وهيمنت البيروقراطية وأممت ممتلكات الشعب وازداد الفقر وكثر الجوع
وانتشر الظلم الاجتماعي، واستفاد الثوار الاشتراكيون من المناصب السامية وأصبحوا برجوازين
على غرار الباشاوات في عهد الملكية المطلقة، وما رؤوف علوان إلا نموذج للانتهازية
إبان الخمسينيات وفترة الستينيات. وخان الدعاة والساسة الشعارات الاشتراكية التي
كانوا يدافعون عنها، ومكروا بالشعب واستفادوا من الثروات الطائلة، وسببت هذه
الخيانة فيما بعد في عدة نكسات وهزائم استنزفت خزينة الدولة، ولاسيما الهزيمة
النكراء التي انتصر فيها العدو الصهيوني على العرب وقوضت مكانة جمال عبد الناصر
قوميا سنة 1967م.
سناء:
لقد احب سعيد مهران ابنته سناء
كثيرا وكان مشتاق اليها حيث اول طلب كان له حال خروجه من السجن هو رؤيتها ، بالرغم
من انها لم تعرفه ولم تقترب منه بل انها خافت منه ، الا انه اقتربمنها وضمها
وحضنها بعمق ، وهدا ان كان يدل فانه يدل على مدى حبه واشتياقه لابنته الوحيدة .
نور:
- هي شخصية ترمز الى النور المطل في حياة البطل بعد ان اظلمت الدنيا في
وجهه حيث ان نور قدمت له الماوى والماكل والصحف اليومية والحب ، كما وان نور ترمز
الى التضحية والوفاء والاخلاص لسعيد مهران حين خانه وغدر به اقرب الناس . وكانت
نور بصيص الامل الوحيد الذي يختلج وسط الظلام الحالك ، لكنها نور زائف لانها تعيش
في مكان خرب اي المقبرة لان هذا المكان الذي يعيش فيه المجرمون والخاطئات لان
بعدهم عن الناس والضوء، هم ميتون حتى لو عاشوا وهذا رمز لنظرة المجتمع لامثالها.
وقد احبها سعيد
فعندما اهتز قلبه سعيد نحوها بعاطفة حقيقية
نحوها ، أدرك أن وجوده قد وصل – في مرحلة صعود لا تتوقف – الى قمة العبث.. ان
الكلاب تطارده، وتتربص به،وتسد عليه المسالك.. لا فائدة اذن من أن يبوح لها بحبه
وعرفانه للجميل ان حياته كلها قد غدت وهي تحمل معنى اللاجدوى وكل الطرق أمام أحلامه قد
اصبحت مغلقة
الجنيدي
العلاقة التي ربطت سعيد مهران بالجنيدي هو ان الشيخ من رائحة والده
المتبقية بعد وفاته فقد كان صديق والده بعد ان تخل عن اصدقائه ، فقد قام سعيد
مهران بالدهاب اليه من اجل التوصل الى حل
لقضيته وليشكو له هموم حياته وما الم به من ياس ومصاعب وحزن ، ففي هده الفترة احتاج
اليه سعيد مهران فلم يعطه الهدوء والسكينة والاقناع ، فقط اعطاه الطعام ، لكنه بقي
مرهقا لا يجد للراحة سبيلا .
المعلم طرزان :- هو صاحب القهوة
التي كان كثيرا ما يرتاد اليها سعيد مهران ، وقد ساعد سعيد مهران في محاولاته
للتخلص من اعدائه الكلاب حين طلب منه مسدسا واشياء اخرى عديدة .
اللغة:
وتمتاز لغة نجيب محفوظ بكونها لغة واقعية
تصويرية تستند إلى تسجيل المرجع وتمويهه بلغة تتداخل فيها الفصحى والعامية المصرية
ليقترب أكثر من خصوبة الواقع العربي المصري. كما شحنها
بالطاقة الرمزية و الإيمائية والكنائية. فالكلاب
هنا رمز للخونة والانتهازيين الذين غدروا بسعيد مهران وداسوا على المبادئ التي
كانوا ينادون بها كالحرية والعدالة الاجتماعية ولاسيما رؤوف علوان وزوجته نبوية
التي غدرت به وتزوجت عليش سدره .أما كلمة الأوغاد فهي دلالة على اللصوص الحقيقيين
الذين خانوا العهد وفرطوا في القيم الأصيلة التي كانوا يتشدقون بها. أما الظلام
فيتضمن بعدين: بعدا مرجعيا وبعدا رمزيا، فهناك الظلام باعتباره مؤشرا على سوداوية
الفضاء وتأزمه، والظلام بالمفهوم الكنائي يعني الظلم الاجتماعي والسياسي وضغط
الحكومة وجور سلطتها وانتهازية أعوانها . وتصور هذه الصورة مأزقية الشخصية
الروائية (سعيد مهران) عندما ووجهت من كل مكان من قبل الشياطين الآدمية وقوى الكم
والإحباط ، وخصوصا أن سياق الصورة يتموقع عندما بدأت الكلاب سواء أكانت حقيقية أم
مجازا تتبع آثار اللص الذي اختفى في الظلام بين القبور، هذا الفضاء الذي يؤشر على
الموت والنهاية التراجيدية، ولكن هذه النهاية بلا أمل ولا غاية.
المكــان:
يرصد نجيب محفوظ
في هذه الرواية الفلسفية العبثية مدينة القاهرة بفضاءاتها المتناقضة إبان المرحلة
الاشتراكية الناصرية في سنوات عقد الخمسين وسنوات عقد الستين حيث كانت تتميز
بالتفاوت الاجتماعي والصراع الطبقي.
ومن الفضاءات التي
نستحضرها في هذا النص الروائي الفضاء العدائي الذي يتمثل في السجن الذي قضى فيه
سعيد مهران سنوات عدة منها أربع سنوات قضاها غدرا وخيانة من قبل عليش ونبوية ورؤوف
علوان. ومن الفضاءات العدائية الأخرى نذكر المقبرة التي استسلم فيها سعيد
للامبالاة والأوغاد الخونة، والمقهى الذي تحول إلى مكان للمخبرين الذين يتصيدون
سعيد للإيقاع به.
كما توجد فضاءات
حميمية مقابلة كفضاء التصوف الذي يسهر عليه الشيخ علي الجنيدي، ومنزل نور الذي
يختبئ فيه من أعدائه والمخبرين الذين يتتبعونه في كل مكان.
أما فضاء العتبة
أو فضاء المأساة والمواقف المتأزمة فيتمثل في الشوارع والمقاهي المفتوحة والحارات
المكتظة بالناس، وميدان القاهرة الذي يغص بالناس من فئات اجتماعية وطبقية مختلفة.
ويمكن تصنيف
فضاءات الرواية إلى فضاءات منغلقة كالسجن وبيت عليش وشقة نور وڤيلا رؤوف علوان،
وفضاءات مفتوحة كالرباط الصوفي ومقهى المعلم طرزان وفضاء الصحراء.
وقد انتقل الكاتب
في وصفه والتقاطه للفضاءات المكانية من لقطات عامة تهدف إلى تصوير فضاء القاهرة،
وبعد ذلك ينتقل إلى لقطات متوسطة لتصوير شوارع الميدان، لينتقل في الأخير
بالكاميرا إلى التقاط صورة المقهى ومنزل عليش.
ومن هنا، تتداخل
الأمكنة والفضاءات الحميمية والعدائية والمتفاوتة طبقيا واجتماعيا في مصر
الستينيات من القرن الماضي التي كانت تتسم بجدلية الصراع الداخلي والخارجي.
وينقل لنا الكاتب
أمكنة متناقضة ، البعض منها يوحي بالغنى والثراء كڤيلا رؤوف علوان الغاصة بالأشياء
الثمينة، والبعض الآخر يوحي بالفقر والفاقة والخصاص كشقة نور.
السرد:
يستند الكاتب في
رواية ” اللص والكلاب ” إلى الرؤية من الخلف واستعمال ضمير الغائب والسارد المحايد
الموضوعي الذي لايشارك في القصة كما في الرؤية من الداخل، بل يقف محايدا من
الأحداث يصف ويسرد الوقائع بكل موضوعية . ؛حيث يملك معرفة مطلقة عن الشخصيات ويعرف
كل شيء عن شخصياته المرصودة داخل المتن الروائي خارجيا ونفسيا، إذ يزيل سقوف الشقق
وجدران الغرف من أجل أن يدخل إلى البيوت لاستكناه أفعالهم وتصوير مشاعرهم
الداخلية:” وجلس عند النخلة يشاهد صفي المريدين تحت ضوء الفانوس ويقضم دومة وينعم
بسعادة عجيبة.”.
ويتبين لنا من هذا
المقطع أن الكاتب يستعمل الرؤية من الخلف وضمير الغائب ورصد ماهو خارجي وماهو
داخلي، كما أن الراوي محايد ينقل لنا الحدث والشخصيات والفضاء من مكان ما قد يكون
قريبا أو متوسطا أو بعيدا.
ومن وظائف السارد في
الرواية السرد والحكي، وهذه هي الوظيفة الأساسية للسارد، ووظيفة التنسيق بين
الشخصيات، ووظيفة الوصف من خلال تشخيص الشخصيات ووصف الأمكنة والأشياء ، ووظيفة
النقد التي تتجلى في نقد الواقع وتشخيص عيوبه ومساوئه الكثيرة ولاسيما تفاوته
الاجتماعي والطبقي الذي ينم عن انعدام العدالة الاجتماعية في المجتمع المصري إبان
الثورة الاشتراكية. وهناك الوظيفة الإيديولوجية التي تكمن في نقد التيار الاشتراكي
والتجربة الناصرية التي ترتبت عنها خيانة المبادئ الاشتراكية الكبرى والتعريض
بالذين خانوا الثورة باسم العدالة الاجتماعية والثورة على الملاكين الكبار ومحاربة
الطبقية.
وثمة وظائف أخرى
يقوم بها السارد يمكن حصرها في وظيفة التقويم والتعليق، ووظيفة الانفعال، ووظيفة
التأثير، ووظيفة تصوير المرجع الواقعي.
الزمن
يلاحظ أن الزمن
السردي في الرواية زمن صاعد خطي ينطلق من حاضر الخروج من السجن إلى مستقبل
الاستسلام والموت. بيد أن هذا الزمن ينحرف تارة إلى الماضي لاسترجاعه( فلاش باك)،
أو إلى المستقبل من أجل استشرافه.
ويظهر لنا أن نجيب
محفوظ يستفيد من تقنيات الرواية الجديدة ومن آليات السرد الموجودة عند أعضاء تيار
الوعي كاستخدام فلاش باك واستشراف المستقبل وتوظيف الخطاب الحلمي الدال على الغضب
والهذيان والتناتوس اللاشعوري الناتج عن الثأر والانتقام.
و يزاوج الكاتب
على مستوى الإيقاع بين السرعة والبطء، ويتجلى إيقاع السرعة في الحذف والتلخيص، أما
إيقاع البطء فيكمن في الوقفة الوصفية والمشاهد الدرامية.
كما يعمل نجيب
محفوظ على اخفاء بعض المراحل الزمنية فمن مظاهر الحذف الزمني خروج سعيد مهران من
السجن بعد سنوات عديد
العنوان:
من يتأمل عنوان
الرواية ( اللص والكلاب)، فإنه سيجده عبارة عن جملة اسمية بسيطة مركبة من المبتدإ
( اللص)،والخبر محذوف وهو النص بأكمله، وجملة العطف تتكون من حرف عطف والمعطوف
عليه. وتتكون البنية العنوانية من كلمتين بينهما رابط واصل( عطفي). وينبني العنوان
على الاختصار والاختزال والحذف الدلالي.
ويحمل العنوان على
الرغم من حرفيته بعدا رمزيا فانطاستيكيا قائما على المسخ والامتساخ المشوه، إذ
يشبه الكاتب عليش سدرة ونبوية ورؤوف علوان بالكلاب الماكرة واللصوص الخادعة
الزائفة، ويوضح هذا الطرح ماكتبه نجيب محفوظ في المقاطع الأخيرة من الرواية:”
وانهال الرصاص حوله فخرق أزيزه أذنيه، وتطاير نثار القبور. وأطلق الرصاص مرة أخرى
وقد ذهل عن كل شيء فانصب الرصاص كالمطر. وفي جنون صرخ:
ياكلاب!
وواصل إطلاق النار
في جميع الجهات.”
ويعني هذا أن
الرواية تنتقد أصحاب الشعارات الزائفة كرؤوف علوان ، وأصدقائه الماكرين كالمعلم
بياضة وعليش، وزوجته الخائنة كنبوية. ويدل في الرواية على انعدام الإنسانية
الحقيقية وتحول الإنسان إلى حيوان خادع لايحسن سوى الخيانة والكيد والمكر مصداقا
لقولة هوبز: “الإنسان ذئب لأخيه الإنسان”.
ويتسم العنوان
بهيمنة المكون الفاعلي الذي يحضر عند نجيب محفوظ في الكثير من رواياته ومجموعاته
القصصية مثل: أولاد حارتنا، وحضرة المحترم، والشحاذ، واللص والكلاب….
ابرز وجه الاختلاف بين الشخصيات
الاتية روؤف علوان ...سعيد مهران..
نموذج لمقدمة
من أهم مكونات الرواية ومرتكزاتها الأساسية نجد الشخصية
الروائية التي تتضافر مع مكونات روائية أخرى كالفضاء والإيقاع والامتداد والتلقي
لتكون عملا روائيا يمكن نعته على مستوى السياق الجنسي “رواية“. ولايمكن تحديد
الشخصية باعتبارها مكونا واستخلاص سماتها إلا بوضعها ضمن سياقها ووسط خضم الأحداث
لمعرفة جوانبها ودورها في الخطاب الروائي .
نموذج خاتمــــة:
وعلى أي حال، فرواية ” اللص والكلاب” لنجيب محفوظ من خلال
أساليبها وطرائق عرضها رواية فلسفية وجودية عبثية من حيث المضمون تتناول الجريمة
والانتقام والثأر بأسلوب السخرية الكاريكاتورية.
كما تجسد الرواية برؤيتها الواقعية الانتقادية ذات الملامح
الاجتماعية والسياسية عبث الحياة وقلق الإنسان في هذا الوجود الذي تنحط فيه القيم
الأصيلة وتعلو فيه القيم الكمية المنحطة.
وتعتبر هذه الرواية من حيث القالب والبناء والصياغة
كلاسيكية الشكل والنمط ؛ بسبب تسلسل الأحداث وتعاقبها كرونولوجيا وتعاقب الأحداث
زمنيا ومنطقيا ، وهيمنة السرد غير المباشر، وتشغيل الرؤية من الخلف وضمير الغياب،
واستعمال الوصف الواقعي.
والرواية كذلك في مسارها السردي والدلالي والإيقاعي رواية
مأساوية تراجيدية قوامها العبث واللاجدوى واللامبالاة، كما أنها ذات بناء دائري
إلى حد ما تبدأ بالسجن وتنتهي بالاستسلام والعودة إلى السجن مرة أخرى، أو بالسقوط
بين أحضان المقبرة وصمت الموت.
وعلى الرغم من كلاسيكية بناء الرواية، فقد استفاد
نجيب محفوظ من تقنيات الرواية الجديدة ومن آليات الرواية المنولوجية وتيار الوعي
أثناء استعمال المنولوج وفلاش باك واستشراف المستقبل وخطاب الأحلام وتوظيف الأسلوب
غير المباشر الحر، كما استفاد كثيرا من الرواية الواقعية عند بلزاك وستندال
وفلوبير، و من الرواية الوجودية كما عند سارتر
وألبير كامو
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire